إليكم خطبة جمعة عن فضل شهر شعبان من ملتقى الخطباء

منذ دخول شعبان يبدأ الخطباء بتخصيص خطبة الجمعة عن فضل هذا الشهر الكريم، ويحثون الناس لضرورة أداء صلاة القيام، وكذلك تخصيص منتصف شعبان للصيام.
وإليكم إحدى خطب الجمعة التي خصصت من ملتقى الخطباء:
لقد جعل الله سبحانه وتعالى لكل وقت وظائف لعباده حتى يتقربوا بها إليه، ومنها ما يتكرر كل يوم مثل الصلوات الخمس، ومنها ما يتكرر كل أسبوع مثل الصيام كالاثنين والخميس، ومنها ما يتكرر كل شهر كصيام أيام البيض، ومنها ما يتكرر كل عام كرمضان والحج وشهر شعبان.
هذه الأوقات فضلها الله على غيرها في زيادة الحسنات وإجابة الدعوات ووصولك للمغفرة والرضوان،؛ وذلك تشجيعاً للعبد حتى يجتهد في طاعة ربه.
هذه الأوقات الفضيلة ما هي إلا مراكز ومحطات تَزيد المؤمن رصيدا من إيمانه وتقواه؛ بل كل يوم في هذه الدنيا غنيمة يجب أن يتزود منه المؤمن لآخرته، فكيف لو كان هذا اليوم له مكانة عند الله عز وجل.
فماذا قال لنا الشارع الحكيم عن فضائل شهر شعبان؟
روى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ –رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) رواه الإمام أحمد والنسائي.
بطبيعة الناس أن غفلوا عن شعبان ومكانته عند الله سبحانه لأنه يقع بين شهرين عظيمين، شهر رجب أحد الأشهر الحرم وشهر رمضان الذي ينتظره الناس من أجل أداء أحد أركان الإسلام ” الصيام”.
وقد بين لنا النبي عليه أفضل صلوات الحدث عظيم الذي يحدث طوال هذا الشهر ليوضح مكانة هذا الشهر؛ وهو أن أعمال العباد ترفع إلى الله عز وجل فيه.
فإننا نعلم أن السماء تفتح كل أثنين وخميس في باقي الأشهر وترفع فيهما أعمال العباد إلى الله تعالى، فيجب أن تعلم أن الأعمال ترفع إلى الله عز وجل طيلة أيام شهر شعبان،
ولهذا فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يغتنم هذا الحدث العظيم بالصيام، حتى كاد أن يصوم شهر شعبان كله، وقد روت عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. رواه البخاري وأصحاب السنن.
لذلك يجب أن تحرصوا على صيام ما استطعتم في هذا الشهر وتدريب أبنائكم وحث أهاليكم على الطاعة ومضاعفتها في شعبان.
أهل العلم استنبطوا الحكم في صيام شعبان ليكون كالمقدمة لرمضان، وكذلك الصيام بعد رمضان مثل الست من شوال هي من السنن القبلية والبعدية في الفروض، ومثل أن السنن القبلية والبعدية أفضل من مطلق النافلة، لذلك فإن الصيام قبل رمضان وبعده أفضل من مطلق الصيام.
لذلك فإنه من الضروري أن تعظموا هذا الشهر من خلال مضاعفة الطاعات والتقرب إلى الله من خلال الصيام، ومن لما يستطع ذلك فيكف عن المعاصي تعظيماً لمكانة شعبان وحتى لا يرفع لك عمل فيه يسخط ربك سبحانه وتعالى فإن لم تستطع الصيام كف عينيك عن الحرام ولسانك عن القول ونقل الكلام وابتعد عن أكل الحرام لأن عملك يرفع فيه طوال أيام الشهر.