تفسير سوره مريم من الآية 1 إلى 9

كرم الله سبحانه وتعالى السيدة مريم أم عيسى عليه السلام، وأنزل سورة في القرآن باسمها تخليداً لها، وتعظيم مكانتها، وهي السورة الوحيدة التي سميت باسم امرأة، وهي السورة التاسعة عشر في القرآن وعدد آياتها ثلاث وتسعون آية، وتتحدث عن مريم وابنها عيسى الذي ولد بدون أب.
تفسير سورة مريم من الآية 1 إلى 9 :-
بسم الله الرحمن الرحيم
كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9). صدق الله العظيم.
كهيعص/ اختلف المفسرون حول تفسير حروف كلمة كهيعص، وفسره البعض أنها أول احرف من كلمات كريم، هاد، يمين، عالم، صادق، أي أن الكلمة كلها اختصار لأسماء الله تعالى.
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا يذكر القرآن الكريم عبده زكريا الذي انزل الله رحمته عليه، حينما خاف زكريا أن يموت ولا يرث أحد الدعوة، واشتكى لربه الضعف.
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا : نادى سيدنا زكريا الله في الخفية واشكتى له ضعفه وكبر سنه.
قائلًا:( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا): وقد نادى زكريا ربه في السر واشتكى ضعف بدنه، وضعف العظام، وتوسل لله أن لا يرده خائبا، ولا يحرمه من قبول دعائه، والله يحب العبد اللحوح كثير الدعاء.
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا : وأضاف زكريا في شكواه لله تعالى أن يخاف من أن لا يرث أحد الدعوة من وراءه بعد موته، ولا يجد أحد يتولى بني إسرائيل، ويضيع الدين، ويبدو أن زكريا لم يجد أحد من القوم يصلح لأن يتولى الدعوة من وراءه، فأراد ان يكون له ولد يرث الدعوة، ولكن إمرآة زكريا كانت عاقر ولا يمكنها الانجاب، فدعا زكريا ربه أن يرزقه بالذرية لأسباب دينية لا دنياوية.
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا: ويطلب زكريا من الله أن يرزقه بولد صالح يرضاه ويكون بار به ويحبه الله.
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا : وجاء الرد على طلب زكريا واستجاب الله لدعائه الذي كان من قلب صادق ونية مخلصة لله، وسوف يهبه الله غلام، وكان الله قد اختار اسم يحيي للطفل ولم يسمى أحد من قبل بهذا الاسم.
ققَالَ رَبِّ أنى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا: استغرب زكريا من سرعة الاستجابة وسأل كيف يكون لي غلام، وامرأتي لا تنجب وهو اصبح رجل كبير في السجن عجوز.
قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا : الأمر حقا غريب ولكن قدرة الله تفوق كل شيء، وليس عليه صعب، مثلما خلق الإنسان من قبل ولم يكن شيئا.