دعاء نية الحج اذا حبسني حابس كامل
الحجُّ، هو مناسكٌ عظيمة يقترن فيها الإنسان ببيت الله الحرام، حيث يتوجه المسلمون من مختلف أنحاء العالم إلى مكة المكرمة، ساعين لأداء فريضة الحجِّ، التي تعدُّ أحد أركان الإسلام الخمسة. لكن في بعض الأحيان، قد تواجه المسلم تحديات تعيقه عن أداء هذه الفريضة المباركة، كحبسه أو عدم قدرته على السفر. في هذه الحالات، يأتي دعاء نية الحج ليكون عوناً ودعماً للمؤمن الذي يحتسب الأجر ويطلب رضا الله سبحانه وتعالى.
إذا ما حبس الله عبده عن أداء فريضة الحج، فإنه ليس ذلك عقوبة بل هو اختبار وابتلاء من الله عز وجل، الذي يراه وحده ويعلم ما في صدور الناس. ومن رحمته بعباده أن جعل لهم مخارج وأسباباً لكل خير. فالإسلام ليس دين العقوبة والإجبار، بل هو دين الرحمة والتسهيل على الناس.
قد تكون حجب أداء الحج نعمة من الله تعالى، فرُبَّما كان هناك خيرٌ في عدم السفر في ذلك الوقت، أو ربما كانت هناك حكمة لا ندركها. ولهذا فالمؤمن يقبل بقضاء الله وقدره، ويكون راضياً بما يقرره الله له من حكمة وإرادة.
الدعاء في هذا السياق يأتي كتعبير عن استسلام المؤمن لإرادة الله، ورغبته في أن يكون من أولياء الله الذين يقبلون قضاءه برضا وسلام. فالدعاء هو سبيل للتواصل المباشر مع الله، حيث يعبر المسلم عن حزنه وأسفه لعدم تمكنه من أداء الحج، ويطلب من الله أن يكون قلبه راضياً ومطمئناً، مؤمناً بقدر الله وعلمه الذي لا يضيع ودائماً هو خيرٌ ورحمةٌ لعباده.
قد جاء في السنة النبوية دعاء خاص لمن حُبِسَ عن أداء الحج، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ لَا رَجَاءَ إِلَى رَجَائِكَ فَيَوْمِ هَذَا، فَلَا مُعَافَاَةَ مِنْ عَذَابِكَ، وَلَا تَرَجِّيَ لِنَفْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ شَيْئًا، وَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا عُمْرَةَ وَلَا حَجَّ إِلَّا عَفَوْتَ وَرَضِيتَ، وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ وَلَا ثَانِيَةً إِلَّا سَرَّتَ، وَلَا عُمْرَةَ وَلَا حَجَّ إِلَّا أَجْزَيْتَهُ، وَلَا ذَنْبَ لَكَ إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا عَسَفَ إِلَّا أَفَيْتَهُ، وَلَا مَرَضَ إِلَّا شَفَيْتَهُ” (رواه أحمد).
هذا الدعاء يعبر عن الرضا بقضاء الله، والاعتراف بعظمته وحكمته. فالمسلم إذا حُبِسَ عن الحج، فإنه يدعو الله بأن يكون قلبه مطمئناً، وأن يغفر له ما تقدم من ذنبه، وأن يجعل له في كل حال خيراً وبركةً،إن دعاء نية الحج إذا حُبِسَ حابس كامل يعكس إيمان المسلم بقدر الله وإرادته، ورضاه التام بما يقرره الله له من تجارب وابتلاءات. إنه دليل على الثقة العمياء بالله، وعلى أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب ويحكم بالعدل والرحمة على عباده.
فلنتعلم من هذا الدعاء كيف نكون راضين بقدر الله، ونستسلم لإرادته، ونتوكل عليه في كل الأمور، فهو خير وحكمة، وهو العليم الحكيم الذي لا يخطئ في قضاءه ولا ينسى في وعده.
فإن كل ما يُقدره الله على عباده له حكمة في الغيب، وقد يكون في حبس الإنسان عن أداء الحج حكمة تتعلق بمصلحته في الدنيا والآخرة، قد لا يدركها الإنسان في الوقت الحاضر ولكنها قد تظهر فيما بعد بوضوح. فقد تكون هذه التجربة سبباً لتوبة واستغفار، أو قرباً أكبر من الله وتقوية للإيمان، أو حتى حماية من مصاعب أو مخاطر يمكن أن يواجهها المسافر.
لذا، يجب على المسلم أن يأخذ هذه الفرصة كفرصة للتأمل والاستغفار، والتسليم لقدر الله بكل رضا وصبر. فالصبر على ما يكتبه الله لنا من الأمور الصعبة هو من مظاهر الإيمان الحقيقي، وهو ما يثبت على الله أن هذا العبد يثق بحكمته ويقبل قدره بكل سعة صدر وسلام داخلي.